لم يمضِ على صدور Final Fantasy 16 الكثير، ولكنها على الرغم من ذلك أثبتت أنها واحدة من أكثر الألعاب إثارة للجدل في عام 2023، حيث أنها غيرت الصيغة المعروفة للسلسلة منذ عشرات السنين، وانقسم جمهورها بين مؤيدين للأفكار الجديدة والمعارضين لها.

وبالطبع تمتلك السلسلة عددًا لا يستهان به من الكيانات والوحوش والمفاهيم والنقاط المرجعية التي توحد جميع عناوين Final Fantasy، لكن لطالما طمحت كل لعبةٍ منها بتقديم تجربتها الخاصة المستقلة، لكن Final Fantasy 16 قامت بتطبيق هذه الفكرة بشكلٍ أساسي واختلفت جذريًا عن جميع أجزاء السلسلة السابقة.

سنتكلم في مقال اليوم ضمن سلسلة مقالات توب 10 أو Top 10 عن تغييرات مثيرة للجدل التي قام بها الجزء الأخير، وكما عودناكم سنذكر 4 منها في الجزء الأول من المقال، ونستكمل البقية في الجزء الثاني.

استخدامها لنوعٍ من أنظمة القتال في الوقت الفعلي التي تستخدمها عادةً ألعاب الأكشن

Final Fantasy 16

على عكس الاعتقاد السائد بأن سلسلة Final Fantasy تعتمد أسلوب قتال موحد، فقد تغير أسلوب القتال بها منذ بعض الوقت، في حين أن الألعاب المبكرة في السلسلة نظام القتال في الوقت النشط (ATB)، فقد شهدت العقود الأخيرة تجربة مختلفة، فقد قدمت Final Fantasy 12 نظام الـ Gambit الذي يتيح لك إعطاء أوامر AI معقدة لأعضاء مجموعتك للتحرك وفقها أثناء المعركة، بينما استخدمت Final Fantasy 7 Remake نظام قتال هجين يجمع بين مفاهيم القتال في الوقت الحقيقي والقتال وفق القوائم الثابتة، حتى أن الإصدار الأخير من حتى الإصدار الأخير من Stranger of Paradise تميز بنظام قتالي يشبه ألعاب السولز، يركز على حفظ الأنماط وبناء الشخصية وجودة العتاد.

وعلى الرغم من كل الإبتكارات الحديثة في نظام قتال السلسلة، إلا أنَّ Final Fantasy 16 تنفرد تمامًا في أسلوب قتالها الفريد، الذي صممه المطور الشهير Ryota Suzuki الذي عمل سابقًا على ألعابٍ مثل Devil May Cry 5، و Dragon s Dogma، وهو يركز على أسلوب القتال الثقيل في الوقت الفعلي، مما جعل الكثيرين يقارنون بين Devil May Cry وFinal Fantasy 16، لكنَّ ذلك غير صحيحٍ تمامًا.

حيث أن Final Fantasy 16 لمسة أكثر منهجية من لعبة مثل Devil May Cry، على سبيل المثال، غالبًا ما يدفعك استخدام نظام صعق الأعداء أو الـ “Stagger” خلال المواجهات الكبرى إلى التفكير في مناهج أكثر إستراتيجية، حيث أن أفضل رهان لك هو استنزاف مقياس الـ Stagger الخاص بالزعيم، وصعقه ثم تنفيذ أكبر مجموعاتك من الضربات عليه، وقد تعتمد على سلسلة من المراوغات والهجمات الأساسية لتقليل فترات التباطؤ وشحن قدراتك لزيادة الضرر الناتج أثناء ملئك لمقياس الصعق.

وكما ناقشنا سابقًا فإن أحد أكبر الخلافات المحيطة بنظام القتال هذا هو افتقاره نسبيًا إلى آليات الـ RPG التقليدية المحبوبة من عشاق السلسلة، فعلى سبيل المثال يمكنك اختيار القدرات التي تستخدمها (ورفع مستوى تلك القدرات)، لكن سيطرتك على مهارات شخصيتك أو “بنائها” محدودة نسبيًا وليس هناك الكثير من الخيارات في هذا المجال، ولم تستثني اللعبة بالتأكيد تأثير بعض تجهيزاتك وعناصرك على مستوى الضرر، ولكن التركيز الأكبر سيكون على قدرتك القتالية واستراتيجياتك في الوقت الفعلي، وهذا ما جعل Final Fantasy 16 في النهاية مختلفة تمامًا حتى عن ألعاب Final Fantasy الرئيسية الأخرى في الوقت الراهن.

لا تمتلك اللعبة نظام المجموعة المعهود “Party”

Final Fantasy 16

ركزت معظم ألعاب السلسلة السابقة على نظام القتال في مجموعة أو “Party”، وهذا بعد مقابلتك لبعض الشخصيات في عالم اللعبة وضمهم لفريقك، وسيصبح بإمكانك التحكم بهم أثناء المعارك وغير ذلك، لكن في Final Fantasy 16 لن تتمكن سوى من التحكم بشخصية بطل اللعبة Clive Rosefield، وسيرافقك صديقٌ يتحكم به الذكاء الإصطناعي في مرحلة ما أثناء المعارك والاستكشاف، بالإضافة إلى كلبك Torgal الذي يرتفع مستوى قدراته تلقائيًا مع تقدمك في اللعبة ويمكنك إعطائه بعض الأوامر الأساسية فقط، لكن لن يكون لديك سيطرة حقيقية على أي جانب من كل ذلك.

وتتميز هذه الآلية في Final Fantasy 16 عن كل ألعاب Final Fantasy الرئيسية الأخرى تقريبًا وتجعلها مختلفة تمامًا في مجالين رئيسيين هما القتال و سرد القصة، ومن الواضح أن عدم وجود أعضاء يمكنك التحكم بهم في اللعبة سيعني عدم حاجتك لإدارة أعضاء المجموعة طوال اللعبة، و توفير الوقت الذي عليك قضائه في القوائم وإدارة أعضاء المجموعة بما في ذلك معداتهم واستراتيجياتهم وقدراتهم وغير ذلك، ومن ناحية أخرى يعني ذلك أيضًا عدم القدرة على استخدام استراتيجيات مختلفة بناءً على نقاط القوة والضعف المختلفة لأعضاء فرقتك، وهذه سلبيةٌ كبيرة في اللعبة، حيث اعتدنا تمامًا في السلسلة على استخدام نقاط قوة أعضاء فرقتنا ضد خصومٍ معينة واستغلال نقاط الضعف وغير ذلك.

ومن وجهة نظر سردية تركز اللعبة على بطلها Clive بشكلٍ رئيسي وتضعه في قلب كل شيء تقريبًا، مع اهتمام أقل بكثير بالأشخاص الذين يرافقونه أحيانًا، لكن هذا لا يعني أن اللعبة تفتقر للقصص الجانبية أو الشخصيات الجانبية المميزة، حيث أنها تمتلك العديد منهم.

تركز اللعبة بشكل بسيطٍ على البناء والعتاد والإحصائيات

Final Fantasy 16

يعتبر بناء الشخصية وتطويرها وتخصيصها وترقية معداتها من أهم الجوانب في ألعاب الـ RPG التي اعتدنا عليها، وقد شهدت أجزاء السلسلة ذلك في أجمل صوره فعلى سبيل المثال، شجعنا نظام الوظائف المفصل في Final Fantasy 5 على استكشاف تكوينات الشخصيات المختلفة في سبيل التغلب على أصعب تحديات ومواجهات اللعبة، بينما تميزت Final Fantasy 10 بنظام شجرة المهارات الـ “Sphere” المعقد،الذي أصبح منذ ذلك الحين ذكرى لا تنسى لدى عشاق ألعاب الـ RPG المتشددين، لكن في Final Fantasy 16 أصبحت الأزرار التي ستضغطها أثناء القتال والمناورة وتفادي الهجمات الجانب الأهم والأساسي في نجاتك بالمواجهة.

حيث أنها تقدم خيارات بناء شخصية محدودة نسبيًا، بالإضافة إلى عدم وجود أعضاء مجموعةٍ لمرافقتك، مما يعني عدم الحاجة لتعيين أدوار لهم كما ذكرنا، ولا يوجد نظام وظيفي أو شبكة مهارات، لذلك لا يمكنك تخصيص أسلوب لعب Clive من خلال هذه الآليات، ولكن أفضل ما يمكنك التحكم به في بناء شخصية Clive هو انتقاء وتطوير قدرات الـ Eikon الاختيارية التسعة فقط.

كما أن اللعبة تركز بشكل أقل نسبيًا على الإحصائيات بالمقارنة مع أجزاء السلسلة السابقة، حيث لن يكون عليك الانتباه طيلة الوقت إلى المقاومة العناصرية أو السحرية أو ما شابه، وسيكون عليك النظر فقط إلى مستوى نقاط صحتك، وقوة هجومك، ومقياس الصعق، والدفاع بشكلٍ عام، لكن معظم دفاعك سيكون من خلال قدرتك على المناورة والتفادي أثناء المعارك، وبالنسبة للعتاد نادرًا ما سيتعين عليك أيضًا التفكير في الفوائد الثانوية التي قد تقدمها لك، باستثناء الملحقات التي تعزز قدرات معينة، وستركز اللعبة على القدرات التي تختارها ومدى براعتك في تنفيذ آليات القتال المتعلقة بها.

تركز القصة على جانبٍ مظلم وناضج أكثر بالمقارنة مع الأجزاء السابقة للسلسلة

Final Fantasy 16

تقدم السلسلة عالمًا خياليًا مظلمًا في زمن العصور الوسطى، بالمقارنة مع أغلب أجزاء اللعبة التي تدور في حضاراتٍ متقدمة من نسج الخيال العلمي، ويمكن تشبيه عالم اللعبة بعالم السلسلة التلفازية الشهيرة Game of Thrones، كما تم وصف البعض لهذه القصة بكونها أكثر قصص Final Fantasy “نضجًا” حتى الآن، ولكن من المهم توضيح ما يعنيه ذلك، حيث تحتوي Final Fantasy 16 على الكثير من الشتائم والدماء والقصوى وحتى بعض المشاهد الخاصة، ومن الواضح أننا رأينا أنواعًا مشابهة من هذه المحتويات عدة مرات في الكثير من الألعاب المختلفة على مر السنين، ولكن لم نجد أيًا من ذلك في ألعاب Final Fantasy سابقًا، حيث لم تمتلك الكثير من الدماء أو الكثير من الشتائم كما في اللعبة الحالية.

تتميز Final Fantasy 16 أيضًا بقصة معقدة إلى حد ما، تدور حول ممالكٍ متحاربة ومكائدٍ في القصر، وقد رأينا سابقًا موضوعات ومفاهيم سردية متشابهة في بعض أجزاء السلسلة وأبرزها Final Fantasy 12، إلا أنه لا توجد لعبة سابقة في السلسلة أظهرت هذه النواحي كـ Final Fantasy 16، حيث يمكن تشبيهها كما ذكرنا بالسلسلة التلفازية الشهيرة Game of Thrones، حيث تدور أغلب أحداث قصة اللعبة حول العصور الوسطى والجوانب السحرية الخيالية المرتبطة بها.

في الختام … ذكرنا لكم في مقال اليوم 4 تغييرات جذرية في Final Fantasy 16 غيرت توجه السلسلة بأكملها، بما في ذلك استخدامها لنوعٍ من أنظمة القتال في الوقت الفعلي، وعدم امتلاكها لنظام المجموعة، ونمطها المظلم والناضج وغير ذلك. وسنستكمل الحديث عن البقية في الجزء الثاني من المقال. وحتى ذلك الحين أترككم مع قراءة مقالنا السابق بعنوان “نصائح قتالية ستمنحك الأفضلية في Final Fantasy 16“.

شاركونا بآرائكم وتعليقاتكم، ما المزايا الجديدة التي أعجبتكم في اللعبة، وهل تعتقدون أن هذه التغييرات تعتبر سلبيةً كبيرةً في اللعبة بالمقارنة مع النمط السائد في ألعابها السابقة؟